مناهج البحث العلمي

المنهج الوصفي Descriptive Methodology
يمكن تعريف المنهج الوصفي بأنه أسلوب من أساليب التحليل المرتكز على معلومات كافية ودقيقة عن ظاهرة أو موضوع محدد عبر فترة أو فترات زمنية معلومة وذلك من أجل الحصول على نتائج عملية تم تفسيرها بطريقة موضوعية تنسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1982). وهناك من يعرفه بأنه "طريقة لوصف الموضوع المراد دراسته من خلال منهجية علمية صحيحة وتصوير النتائج التي يتم التوصل إليها على أشكال رقمية معبرة يمكن تفسيرها" ( عريفج، وحسين، ونجيب، 1987، ص ص 131-132). وهناك تعريف آخر للمنهج الوصفي وهو "محاولة الوصول إلى المعرفة الدقيقة والتفصيلية لعناصر مشكلة أو ظاهرة قائمة، للوصول إلى فهم أفضل وأدق أو وضع السياسات والإجراءات المستقبلية الخاصة بها" (الرفاعي، 1998، ص122).
ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد منهج مثالي يوصى باستخدامه عند القيام بالبحوث والدراسات. فإذا أراد الباحث دراسة الدوافع الاستعمارية للحملة الصليبية على العالم العربي، فانه بحاجة إلى استخدام المنهج التاريخي، وإذا كان البحث يهدف إلى دراسة السلوك الشرائي للمستهلك في قطاع غزة وردود فعلهم تجاه المنتجات الوطنية فهذا يتطلب استخدام ما يسمى بمنهج دراسة الحالة، والذي يعتبر جزءا من المنهج الوصفي. وإذا أراد الباحث أن يقيس أثر تدريب رجال البيع على أدائهم البيعي، فهذا ربما يتطلب استخدام المنهج التجريبي من خلال تثبيت العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على أداء رجال البيع ثم تقديم البرامج التدريبية المناسبة والقيام بعد ذلك بالقياس والتقييم للتعرف على حجم التغير الحاصل على أداء رجال البيع. وإذا أراد الباحث دراسة سمات التخطيط الاستراتيجي لدى المدير العربي فانه سيستخدم المنهج الوصفي للتعرف على هذه السمات.
ويعتبر المنهج الوصفي من أنسب المناهج وأكثرها استخداما في دراسة الظواهر الإنسانية والاجتماعية مثل دراسة السلوك الإداري، ومعوقات البحث العلمي، وظاهرة تعثر الشركات، ودراسة سلوك الطفل. ويمكن استخدام المنهج الوصفي في دراسة الظواهر الطبيعية مثل وصف الظواهر الفلكية والبيولوجية.
ويستخدم الباحث المنهج الوصفي في ظل وجود معرفة مسبقة ومعلومات كافية حول الظاهرة موضع الدراسة. فمن خلال الدراسات السابقة يتمكن الباحث من تحديد مشكلة الدراسة والفرضيات ثم يعمل على جمع المعلومات الأولية والثانوية المناسبة من أجل صياغة الفرضيات واختبارها وهذا يساعد في تحليل وتفسير أكثر للظاهرة والوقوف على دلالاتها. ويرتقي المنهج الوصفي لمرتبة الأسلوب العلمي لأن فيه تفسير وتحليل للظاهرة وعمق في النتائج وهذا يساعد في التوصل إلى قانون علمي أو نظرية. ويتسم المنهج الوصفي بالواقعي لأنه يدرس الظاهرة كما هي في الواقع ويستخدم مختلف الأساليب المناسبة من كمية وكيفية للتعبير عن الظاهرة وتفسيرها من أجل التوصل إلى فهم وتحليل الظاهرة المبحوثة. فالتعبير الكمي يعطينا وصفا رقميا يوضح فيه مقدار الظاهرة أو حجمها ودرجه ارتباطها بالظواهر الأخرى، أما التعبير الكيفي فيصف لنا الظاهرة ويوضح خصائصها (الرفاعي، 1998).

 
ويقتضي استخدام المنهج الوصفي مراعاة التالي:
1-  جمع كافة المعلومات والبيانات المتوفرة والضرورية لفهم وتفسير مشكلة البحث، وهذا يتطلب استخدام المصادر الثانوية من كتب ومقالات وغيرها، أو استخدام المصادر الأولية مثل المقابلات أو الاستبيان أو الملاحظة إن لزم الأمر.
2-  أن تتوفر لدى الباحث القدرة والمهارة اللازمتين لاستخدام أدوات القياس والتحليل المناسبة وخاصة عند استخدام الأسلوب الكمي في تحليل البيانات. ومن أهم المهارات المطلوبة القدرة على استخدام الأساليب والاختبارات الإحصائية المناسبة في التحليل.
 
مثال لو أرد الباحث أن يدرس معوقات البحث العلمي في كليات التجارة في جامعات قطاع غزة، فهذا يتطلب من الباحث جمع كافة البيانات والمعلومات المنشورة والغير منشورة حول الظاهرة، كما قد يقوم الباحث بتصميم الاستبيان وتوزيعه على عينة ممثلة من الباحثين في كليات التجارة في جامعات القطاع، ثم يتم تحليله من خلال استخدام البرنامج الإحصائي المناسب بهدف التأكد من صدق الفرضيات عبر استخدام أساليب الاختبار الإحصائية المناسبة من أجل معرفة مدى وجود العلاقات بين المتغيرات المستقلة والتابعة ومدى قوة أو معنوية هذه العلاقات.
3. 1. 1: خطوات المنهج الوصفي
كما ذكرنا سابقا، المنهج الوصفي أسلوب علمي يستخدم في إعداد البحوث العلمية وله خصوصياته، ويستخدم بكثرة في دراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية. ويمكن حصر خطوات استخدام المنهج الوصفي مع مثال تطبيقي كما يلي (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998):
1-  الإحساس بالمشكلة وجمع البيات والمعلومات التي تساعد على تحديدها. مثل شعور أحد الأكاديميين العاملين في كلية التجارة في إحدى الجامعات الفلسطينية بوجود قدر محدود من الإنجازات البحثية لمدرسي كليات التجارة، ولمس من خلال الحوار والسماع للأكاديميين أن هذه المشكلة قائمة وتحتاج إلى تفسير.
2-  تحديد المشكلة المراد دراستها ويفضل أن يتم صياغتها في شكل سؤال. حيث يمكن صياغة مشكلة البحث في السؤال التالي: ما هي أسباب ضعف ومحدودية الإنجازات البحثية لمدرسي كليات التجارة في الجامعات الفلسطينية؟
3-  صياغة فروض الدراسة والتي يمكن أن تجيب عن سؤال البحث بصورة مؤقتة ومن ثم يبدأ الباحث بجمع المعلومات عنها إلى أن يتم إثباتها أو دحضها. ويمكن صياغة الفروض على النحو التالي:
الفرضية الأولى: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أعضاء هيئة التدريس عند مستوى دالة 0.05 حول المعوقات المتعلقة بتوفر المعلومات تعزى إلى عامل المؤسسة التي يعمل فيها.
الفرضية الثانية: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أعضاء هيئة التدريس عند مستوى دالة 0.05 حول تقدير درجه الصعوبات التي تواجههم والتي ساهمت في ضعف البحث العلمي تعزى إلى المعوقات الإدارية والمالية في الجامعة.
الفرضية الثالثة: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أعضاء هيئة التدريس عند مستوى دالة 0.05 في تقدير درجه المعوقات المتعلقة بالنشر والتي ساهمت في ضعف البحث العلمي تعزى للدرجة الأكاديمية.
4-   اختيار العينة التي ستجرى عليها الدراسة وتحديد حجمها ونوعها. قد يقوم الباحث باختيار عينة طبقية عشوائية من مختلف كليات التجارة في جامعات قطاع غزة مكونة من الأكاديميين حملة الماجستير والدكتوراة، ويبلغ حجم العينة 50 فرد أي ما يعادل 80% من المجتمع الأصلي لمدرسي كليات التجارة.
5-  اختيار أدوات جمع البيانات والمعلومات المناسبة كالمقابلة والاستبيان والملاحظة والقيام بجمع المعلومات المطلوبة بطريقة منظمة. حيث يختار الباحث الأداة التي تناسب طبيعة المشكلة والفروض، ثم يعمل على حساب مدى صدق وثبات الأداة المختارة. وتكملة لمثالنا المذكور، يمكن أن يستخدم الباحث الاستبيان في جمع البيانات الميدانية من عينة البحث ثم يستخدم البرنامج الإحصائي SPSS للتأكد من صدق وثبات الاستبيان، ثم يقوم الباحث بتحديد نوع البيانات هل هي معلمية تتبع التوزيع الطبيعي أم غير معلمية لا تتبع التوزيع الطبيعي ومن ثم اختيار الاختبارات الإحصائية المناسبة لقياس العلاقات والفروق بين مختلف المتغيرات لاختبار فروض الدراسة.
6-  يقوم الباحث بكتابة النتائج وتفسيرها ويختبر الفروض ويقدم عدد من التوصيات لعلاج ضعف ومحدودية الإنجازات البحثية في كليات التجارة في الجامعات الفلسطينية. وعند بدء مرحلة اختبار الفروض ومناقشتها لا بد من الرجوع إلى أدبيات الدراسة والى الدراسات السابقة للتعرف على مدى اتفاق نتائج البحث مع نتائج البحوث السابقة والعمل على تفسير أسباب الاتفاق أو الاختلاف.
 
 
دراسة الحالة Case Study
يهتم أسلوب دراسة الحالة بدراسة حالة واحدة قائمة مثل دراسة فرد أو أسرة أو شركة أو مدرسة، وهذا يتم من خلال جمع معلومات وبيانات تفصيلية عن الظاهرة حول الوضع الحالي والسابق للظاهرة ومعرفة العوامل التي أثرت وتؤثر عليها والخبرات الماضية لهذه الظاهرة. فالحوادث والظروف التي مرت على الأفراد والشركات تترك آثار واضحة على تطورهم وتنعكس بالتالي على سلوكهم الحالي (الرفاعي، 1998).
وتستخدم دراسة الحالة في حياتنا اليومية العملية كما تستخدم من قبل الباحثين. فالفرد الذي يريد أن يختار صديقا فانه يدرس سلوكه الحالي والسابق وسمعته. وقد يستخدم الباحثين دراسة الحالة في دراسة أسباب ارتفاع معدل دوران العمل لدى احد الشركات. والباحث الاجتماعي يقوم بدراسة حالة "للأسرة الفقيرة التي تحتاج إلى مساعدة"، حيث يقوم بجمع معلومات مفصلة عن دخل الأسرة الحالي والسابق ونفقاتها السابقة والحالية والسكن وعدد أفراد الأسرة وغير ذلك.
خطوات دراسة الحالة:
يمكن حصر خطوات دراسة الحالة في الخطوات الأربع التالية:
1.    تحديد الحالة المنوي دراستها، فقد تكون فرد أو شركة.
2.    جمع المعلومات والبيانات التفصيلية المتصلة بالحالة مع التركيز على الخاصية أو المشكلة المنوي عرجها ووضع الفروض اللازمة،  مثل دراسة ظاهرة ارتفاع معدل دوران العمل في إحدى الشركات.
3.    جمع البيانات والمعلومات المتصلة بظاهرة ارتفاع معدل دوران العمل في الشركة. ويمكن أن يستخدم الاستبيان أو المقابلة أو كلاهما في جمع المعلومات، وتحليل الوثائق المتعلقة بالحالة.
4.    إثبات الفروض والوصول إلى النتائج.
 
مزايا وعيوب منهج دراسة الحالة:
من أهم مزايا دراسة الحالة هو التوصل إلى معلومات شاملة ومفصلة عن الحالة المدروسة، فالباحث يركز على حالة واحدة ولا يشتت جهده في دراسة موضوعات متعددة.
 
ومن الانتقادات الموجهة لمنهج دراسة الحالة، صعوبة تعميم النتائج على حالات أخرى أو مجتمع دراسة أكثر اتساعا، وقد لا تكون المعلومات التي يقدمها الباحث عن نفسه دقيقة أما عن قصد أو غير قصد.
 
 
 
المنهج التاريخي  Historical Methodology
يستخدم المنهج التاريخي في دراسة ظواهر حدثت في الماضي حيث يتم تفسيرها بهدف الوقوف على مضامينها والتعلم منها ومعرفة مدى تأثيرها على الواقع الحالي للمجتمعات واستخلاص العبر منها (زويلف والطراونة، 1997). والمنهج التاريخي مستمد من دراسة التاريخ حيث يعمل الباحث على دراسة الماضي وفهم الحاضر من أجل التنبؤ بالمستقبل. والمنهج التاريخي يدرس الظاهرة القديمة من خلال الرجوع إلى أصلها فيصفها ويسجل التطورات التي طرأت عليها ويحلل ويفسر هذه التطورات استنادا إلى المنهج العلمي في البحث الذي يربط النتائج بأسبابها (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998). والتاريخ معمل للعلوم الاجتماعية حيث ينمي معرفة الباحث ويثري أفكاره في الإنسان والمجتمع. ويعتبر ابن خلدون أول من اتبع المنهج التاريخي في مقدمته في القرن الرابع عشر (رشوان، 1987).
ويمكننا القول بأن المنهج التاريخي يقوم على الملاحظة للظواهر المختلفة والربط بينها لتكوين فكرة عامة عن التقدم الذي أحرزته المجتمعات ثم تقييم الفترات الزمنية والظواهر لمعرفة الاتجاهات العامة السياسية والدينية والاقتصادية للمجتمع (زويلف والطراونة، 1998).
 
3. 2. 1: هل يعتبر التاريخ علما من العلوم الإنسانية؟
هناك وجهات نظر متباينة حول كون التاريخ علما أم مجرد معرفة. فالبعض يرى أن التاريخ ليس بعلم، ويبنون دعواهم على نقطتين (بوحوش والذنيبات، 1989):
1-  أن المؤرخ يتعامل مع ظواهر حدثت في الماضي وانتهت، فهو لا يلاحظ الظاهرة بشكل مباشر. فهو يعتمد على الطريقة التقليدية والتي تتلخص في السماع عن الآخرين والنقل عنهم أو الأخذ عن بعض الوثائق التي كتبها أشخاص آخرون شاهدوا هذه الظواهر أو سمعوا عنها، وهذه المصادر قد لا تكون دقيقة.
2-  لا يمكن أن نطلق العلم على أي وقائع نظرية أو أي بحث نظري، إلا إذا أمكن استخدامه في التنبؤ بالمستقبل، فالمنهج التاريخي يستخدم الملاحظة الغير مباشرة لحوادث وظواهر كانت موجودة وسائدة في الماضي.
3-  لا يستطيع الباحث التاريخي مهما كان دقيقا أن يصل إلى كل الحقائق المتصلة بمشكلة الدراسة، فالمعرفة تبقى جزئية تستند إلى أدلة جزئية ولن يستطيع الباحث اختبار كل الأدلة (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998).
إلا أن هذه الانتقادات لا تقلل من شأن البحث التاريخي، فكل البحوث تتعرض للانتقادات وتستند إلى أدلة جزئية وليس إلى معرفة كاملة. ولقد استند المؤيدون إلى اعتبار البحث التاريخي علما إلى الأسس التالية (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998):
1-  يستخدم البحث التاريخي نفس خطوات المنهج العلمي في البحث، فالباحث التاريخي يبدأ بالشعور بالمشكلة، وتحديدها، وتحديد الفروض المفسرة للمشكلة وجمع البيانات والمعلومات المناسبة واختبار صحة الفروض والوصول للنتاج والتوصيات والتعميمات.
2-  لا يعتبر الرجوع إلى الوثائق والسجلات والتقارير السابقة والآثار والمقابلات مع الأشخاص الذين عايشوا الأحداث نقطة ضعف في البحث التاريخي وذلك إذا استخدم الباحث المنطق والتحليل والتمحيص للبيانات والمعلومات المستخدمة.
 
3. 2. 2: مصادر المعلومات للبحث التاريخي
يستخدم البحث التاريخي المصادر الأولية والمصادر الثانوية وهي كالآتي (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998؛ زويلف والطراونة، 1998):
 
أولا المصادر الأولية Primary Sources:
 وتشمل السجلات والوثائق والآثار وإجراء مقابلات مع شهود العيان.
1- السجلات والوثائق
يرجع البحث التاريخي إلى السجلات الرسمية المكتوبة والشفوية فيدرس الباحث الوثائق والملفات والقوانين والأنظمة التي كانت سائدة في الفترة الزمنية موضع الدراسة. كذلك يمكن الرجوع إلى تحليل مضامين المخطوطات والمذكرات التي قد تكون محفوظة في المكتبات.
2- الآثار:
تعتبر الآثار مصدرا مهما في البحوث التاريخية، فالآثار تبقى خالدة ومعبرة عن تلك الحقبة الزمنية أمثال الأهرامات وما عليها من نقوش وكتابات وقلعة برقوق في خان يونس والتي توحي إلى الحقبة المملوكية في غزة. كذلك دراسة طراز المباني القديمة أو الأدوات القديمة والملابس لتلك الحقبة ستكشف الكثير عن مظاهر الحياة السائدة.
3-  إجراء المقابلات مع شهود العيان الذين عايشوا الظاهرة موضع الدراسة، مثال كتابة التاريخ الشفوي الفلسطيني حول العادات والتقاليد وأنماط المعيشة التي كانت سائدة فترة ما قبل 1948، أو الكتابة حول القرى الفلسطينية التي دمرت من قبل إسرائيل في حرب 1948 من خلال إجراء مقابلات مع من سكنوا وعايشوا التدمير في تلك الحقبة.
 
ثانيا: المصادر الثانوية Secondary Sources:
وهي مصادر مستمدة من المصادر الأولية. فمثلا يمكن أن تطلع على كتابا يكتب عن ظروف اندثار آثار معينة أو صرح تاريخي لم يعد قائما. وعلى الباحث الموازنة في استخدام المصادر الأولية والثانوية، ولكن غالبا تفضل المصادر الأولية إلا إذا كانت المصادر الثانوية معروضة بشكل مبوب من قبل مختص. وأهم المصادر الثانوية التاريخية ما يلي:
1-  الرجوع إلى الصحف والمجلات التي كتبت وغطت الظاهرة التاريخية المبحوثة. وتعبر الصحف عن مدى اهتمام المجتمع بأحداث معينة، وتزداد أهمية الصحف والمجلات إذا كانت غير مقيدة من قبل الدولة أو لا تخدم اتجاه معين.
2-  الرجوع إلى المذكرات والسير الذاتية لبعض الأشخاص الذين عايشوا تلك الحقبة الزمنية المدروسة، وهذا قد يمكن الباحث من الكشف عن بعض جوانب هامة من الظاهرة أو المشكلة التي يدرسها.
3-  الرجوع للدراسات السابقة التي تمت في الماضي والتي تناولت الأحداث التي يدرسها الباحث، حيث يمكن الرجوع إليها واستخلاص المعلومات التي تفيد الباحث في معالجة مشكلة الدراسة. وتزداد أهمية الدراسات السابقة إذا كانت تعتمد على مصادر أولية.
4-  يمكن أن يلجأ الباحث إلى الكتابات الأدبية والأعمال الفنية في جمع المعلومات عن مشكلة بحثه، فهذه الكتابات تظهر الكثير من الحقائق والأحداث والمواقف المتصلة بموضوع البحث.
5-  تسجيلات الإذاعة والتلفزيون وأشرطة السينما والفيديو.
6-  النشرات والكتب والدوريات والرسومات التوضيحية والخرائط.
 
3. 2. 3: خطوات منهج البحث التاريخي:
يمكن حصر خطوات القيام بالبحث التاريخي في خمس خطوات وهي كالآتي (زويلف والطراونة، 1998؛ بو حوش والذنيبات، 1989؛ عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998):
أولا: الشعور بالمشكلة وتحديدها:
فعلى الباحث أن يراعي عند اختيار المشكلة موضع الدراسة امتدادها التاريخي بحيث يكون لها صفة الاستمرار والدوام النسبي بما يمكن من تعقب الظاهرة والتعرف على مراحل تطورها. وعادة يستقي الباحث مشكلة الدراسة من ميدان تخصصه ومن خلال إطلاعه على الدراسات السابقة.
ثانيا: جمع البيانات والمعلومات:
بعد الشعور بالمشكلة واختيار موضوع البحث يقوم الباحث بجمع البيانات والمعلومات من مصادرها الثانوية والأولية المذكورة أعلاه.
 
ثالثا: تحليل المصادر ونقدها.
يتضح من مصادر المعلومات التاريخية أنها في معظمها مصادر غير مباشرة وقديمة وهذا يضفي شكوكا حول دقتها وصدقها. فعلى معدي الدراسات التاريخية أن يستخدموا أساليب النقد والتحليل للمصادر المستخدمة للتأكد من صدقها وأصالتها. وقد تتعرض المصادر التاريخية إلى أخطاء مقصودة أو تحريفات هادفة بسبب التأثر من قبل سلطة ما لخدمة وجهة نظر فئة ما، كما أن الأشخاص قد يدلون بشهاداتهم من خلال وجهات نظرهم في الأحداث.  ويتطلب نقد المصادر الإجابة على الأسئلة التالية:
1-  هل كتبت الوثائق والسجلات بعد الحادث مباشرة أم بعد مرور فترة من الزمن؟
2-  هل هناك أدلة على تحيز كاتب الوثيقة؟
3-  هل كان الكاتب في صحة جيدة في أثناء كتابة الوثيقة؟
4-  هل كانت هناك حرية التعبير والكتابة في فترة كتابة الوثيقة أو السجلات؟
5-  هل هناك تناقض في محتويات السجلات والتقارير؟
6-  هل تتفق الوثيقة في معلوماتها مع وثائق أخرى صادقة.
وينقسم نقد المصادر إلى نوعين:
1- النقد الخارجي:
يتعلق بشكل الوثيقة والتأكد من صلتها بعصرها وانتسابها إلى مؤلفها. ويتعلق النقد الخارجي بالإجابة على الأسئلة التالية:
- هل كتبت الوثيقة بخط صاحبها أم بخط آخر.
- هل كتبت الوثيقة بلغة العصر الذي تنتسب إليه أم تتحدث بلغة ومفاهيم أخرى.
- هل كتبت الوثيقة على ورق حديث أم على مواد مرتبطة بالعصر الذي تنتسب إليه.
- هل تتحدث الوثيقة عن أشياء لم تكن معروفة في ذلك العصر.
- هل هناك تغيير أو تشطيب أو إضافات في الوثيقة.
- هل يعتبر المؤلف مؤهلا للكتابة في موضع الوثيقة.
2- النقد الداخلي:
ويقصد به تقييم محتوى الوثيقة والتأكد من دقتها. والنقد الداخلي نوعان:
1-    تحليل ايجابي: ويقصد به فهم المعنى الحقيقي الذي ترمي إليه الألفاظ والعبارات الواردة في المصدر، مثل فهم قصد المؤلف لمعنى كلمة حائط هل يقصد الجدار أم البستان.
2-    تحليل سلبي: ويقصد به التعرف على مدى موضوعية الكاتب من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
  - هل لكاتب الوثيقة مصلحة في تضليل القارئ؟
  - هل كان موضوعيا وصادقا؟
  - هل شوه الحقائق؟
  - هل شاهد الحادثة أم سمع عنها؟
 
رابعا: صياغة الفروض وتحقيقها
لا يمكن إجراء بحث علمي بدون فروض. ولا تختلف البحوث التاريخية عن غيرها من البحوث الأخرى في حاجتها إلى صياغة الفروض الضرورية لتفسير المشكلة ولتوجيه الباحث إلى جمع البيانات والمعلومات الضرورية لفهم الظاهرة. وتتطلب الفروض في البحوث التاريخية مهارة فائقة وخيال واسع من قبل الباحث لأنه يدرس ظاهرة وقعت في الماضي. ويقوم الباحث بجمع المادة العلمية وفقا لنظام معين زمني أو جغرافي أو موضوعي أو مزيج من هذه النظم. ويعتبر حصول الباحث على المعلومات ونقدها وتحليلها بمثابة إثبات للفروض والتحقق منها.
خامسا: استخلاص النتائج وكتابة التقرير
بعد أن يتم الانتهاء من جمع البيانات والمعلومات وتحليلها وتقييمها والتوصل إلى إثبات صدق الفروض بعد إجراء التعديلات الضرورية عليها يخلص الباحث إلى النتائج ثم يقوم بكتابة التقرير النهائي ملتزما بمواصفات البحث العلمي من الترتيب والتنميط والتوثيق والصياغة السليمة وغيرها.
 
3. 2. 4: أهمية البحث التاريخي:
لا تتوقف أهمية الدراسات التاريخية على فهم الماضي بل تساعد في فهم الحاضر وقراءة المستقبل. ومن أهم فوائد القيام بالبحوث التاريخية ما يلي (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998):
1-  تساعد البحوث التاريخية في معرفة أصول النظريات العلمية وظروف نشأتها، وهذا يساعد في إيجاد الروابط بين الظواهر الحالية والماضية ورد الظواهر الحالية إلى جذورها التاريخية.
2-  تساعد البحوث التاريخية في التعرف على المشاكل التي واجهت الإنسان في الماضي والعوائق التي حالت دون علاجها.
3-  تساعد البحوث التاريخية في إيجاد العلاقة بين الظواهر المدروسة وبين البيئة التي أدت إلى نشوئها سواء بيئة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعها أو ثقافية.
 
 
 
 
 
المنهج التجريبي
 Experimental Methodology
 
لا يعتمد المنهج التجريبي فقط على مبادىء الفكر وقواعد المنطق بل يتعدى ذلك إلى القيام بالتحكم في الظاهرة وإجراء بعض التغييرات على بعض المتغيرات ذات العلاقة بموضع الدراسة بشكل منتظم من أجل قياس تأثير هذا التغير على الظاهرة (الرفاعي، 1998). ويقوم المنهج التجريبي على تثبيت جميع المتغيرات التي تؤثر في مشكلة البحث باستثناء متغير واحد محدد تجري دراسة أثرة في هذه الظروف الجديدة. وهذا التغيير والضبط في ظروف الواقع يسمى بالتجربة. ويتميز المنهج التجريبي عن غيرة من باقي المناهج في أن الباحث يتدخل في الظاهرة المدروسة ويؤثر ويتحكم في المتغيرات من أجل قياس أثرها الدقيق على المشكلة. ويعتبر المنهج التجريبي الأسلوب الذي تتمثل فيه معالم الطريقة العلمية الحديثة بالشكل الصحيح. وتعتبر التجربة هي أحد الطرق التي يمكن أن تستخدم في المشاهدة العلمية للظواهر والتي يمكن للباحث بواسطتها جمع البيانات عن تلك الظواهر لفهم سلوكها والتنبؤ بها. وتعتبر التجربة من أنسب الأساليب لاختبار فروض نظرية يكون الباحث قد صاغها من مشاهداته. ويعتبر القيام بالتجارب على الظواهر في معظمها تفسيري أكثر منه وصفي للظواهر المبحوثة (معلا، 1994).
 
3. 3. 1: مرتكزات المنهج التجريبي:
يمكن تحديد مرتكزات المنهج التجريبي في خمس عناصر وهي كالتالي (الرفاعي، 1998):
1-  العامل التجريبي أو المستقل وهو العامل الذي يتم قياس أثرة على المتغير التابع (مشكلة الدراسة) ومتابعة نتائج تغيره.
2-  العامل التابع أو مشكلة الدراسة، وهو العامل الذي يعتمد على ويتأثر بالمتغير المستقل.
3-  المتغيرات المتداخلة: وهى المتغيرات المستقلة الأخرى التي يمكن أن تؤثر على المتغير التابع أثناء التجربة وليس المتغير التجريبي، لذا يفترض أن يتم ضبط هذه المتغيرات أثناء القيام بالتجربة.
4-  الضبط والتحكم: وتعني تثبيت كافة الآثار الجانبية للمتغيرات المتداخلة من خلال الخطوات التالية:
                     أ‌-         عزل المتغيرات: عند قيام الباحث بدراسة أثر عامل معين مثل ارتفاع سعر صرف الدولار على التصدير من فلسطين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لا بد أن يقوم الباحث بتثبيت وعزل العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على حجم التصدير مثل الضرائب، القدرة التنافسية للمنتجات الفلسطينية، الخبرة الفلسطينية في التصدير وغير ذلك من العوامل الأخرى، وذلك لمعرفة أثر ذلك المتغير على سلوك الظاهرة المبحوثة.
                  ب‌-      التحكم في مقدار التغير في العامل التجريبي: وهنا يتحكم الباحث في حجم التغير الحاصل في العامل التجريبي بالكمية والقيمة وتحديد النتائج بناءا على ذلك.
5-  مجموعات الدراسة: وتعرف على أنها المجموعات المكونة للظاهرة موضع الدراسة.وهناك عدة طرق لاستخدام نظام المجموعات:
·        طريقة المجموعة الواحدة:
ترتكز هذه الطريقة على تجريب تأثير عامل تجريبي واحد على أداء المجموعة موضع الاهتمام. وعادة يكون اختبار سابق واختبار لاحق لمجموعة الدراسة ويتم إجراء المقارنة بين النتائج من أجل التعرف على أثر المتغير التجريبي على مجموعة الدراسة، وما ينتج من فروق بين نتائج القياس السابق ونتائج القياس اللاحق يمكن أن يعزى إلى التغير في العامل التجريبي. 
مثال يمكن إجراء التجربة لقياس أثر تدريب رجال البيع (العامل التجريبي) على حجم المبيعات في شركة ما (المتغير التابع). فيمكن أن تبدأ التجربة من خلال قياس مستويات الأداء البيعي لمجموعة من رجال البيع في الشركة (الاختبار السابق) ثم يتم تدريبهم على أساليب بيعية مناسبة (المجموعة التجريبية)، وبعد الانتهاء من التدريب وممارسة البيع يتم قياس أدائهم، وما يتم إيجاده من فروقات في مستوى الأداء قبل وبعد التدريب يمكن أن يعزى إلى أثر التدريب. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة ضبط كافة العوامل الأخرى المحيطة بعمل رجال البيع التابعين للشركة إذا ما أريد الحصول على نتائج دقيقة للتجربة. ومن عيوب هذه الطريقة هو أن التغيرات على العامل التابع قد تكون راجعة لعوامل أخرى إضافة للمتغير التجريبي. وتناسب هذه الطريقة التجارب القصيرة والحالات التي يكون فيها للعامل التجريبي تأثير واضح وملموس.
·        طريقة المجموعتين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية:
حسب هذه الطريقة يقوم الباحث بإجراء الدراسة على مجموعتين متجانستين، فيقوم بتعريض إحدى المجموعات للعامل التجريبي وتسمى بالمجموعة التجريبية، وتجنب تعريض المجموعة الأخرى (المجموعة الضابطة) للعامل التجريبي، بعدها يتم القياس والمقارنة بين المجموعتين بهدف قياس مدى تأثير العامل التجريبي على ظاهرة البحث. مثال، قياس أثر البرنامج التدريبي لمجموعة من رجال البيع على مستوى أدائهم البيعي، حيث يتم تقسيم رجال البيع في الشركة إلى مجموعتين متكافئتين، نقوم بتدريب إحداها (المجموعة التجريبية)، ولا ندرب الأخرى (الضابطة). وبعد ذلك يتم قياس أداء المجموعتين البيعي. وإذا زاد مستوى أداء رجال البيع في المجموعة التجريبية التي تلقت التدريب، دون أفراد المجموعة الأخرى فان هذه الزيادة يمكن أن تعزى إلى التدريب.
ويساعد استخدام المجموعة الضابطة في التجارب في عزل آثار أية متغيرات أخرى خارجية يمكن أن يتزامن حدوثها مع إجراء التجربة. ففي أثناء التدريب للمجموعة التجريبية إذا حدث تغير ما ايجابي أو سلبي خارج سيطرة الباحث أثناء التجريب فان كلا المجموعتين سوف تتأثر به.
ومن أهم ما يعيب هذا الأسلوب في التجريب هو صعوبة إيجاد مجموعتين متشابهتين بشكل كامل، الأمر الذي يصعب معه تعميم النتائج.
·        طريقة التجربة على عدة مجموعات:
وتسمى كذلك بطريقة تدوير المجموعات أو الطرق التبادلية، ويتطلب استخدام هذه الطريقة وجود مجموعتين أو أكثر متشابهة فيما بينها ما أمكن، وكل مجموعة سوف تكون في مرحلة من المراحل وذلك بالتناوب مجموعة تجريبية وفي مرحلة أخرى مجموعة ضابطة. وتدمج نتائج مرحلتي الدراسة مما يجعل النتائج وكأنها مشتقه من كامل العدد وليس من نصفه. فالمرحلة الأولى من التجربة شبيهة بنظام المجموعتين الضابطة والتجريبية، أما المرحلة الثانية فيتم تبادل الأدوار بين المجموعتين، أما المرحلة الأخيرة فهي المرحلة الإحصائية والتي يتم فيها جمع النتائج وحساب أثر العامل التجريبي على المتغير المستقل.
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق